السبت، 10 ديسمبر 2011

الأمل صانع القوة وسيد النجاح . . .




تثور عدة تساؤلات في ذهن الفرد العادي منا ونحن بصدد الحديث عن تحقيق النجاح وقراءة القصص
المتعلقة به سواء على المستوى الفردي أو المؤسسات، وتتمثل بعض تلك التساؤلات في “هل تحتوي أي قصة نجاح على سيناريو شامل للنجاح أي قد نتج عن استراتيجية تحتوي على رؤية متكاملة وخطوات مسلسلة مدروسة بدقة لتحقيق أهداف محددة، أما هناك سيناريو آخر يشير إلى أن النجاح في تحقيق هدف ما قد يولد الرغبة وتطوير الرؤية لتحقيق أهداف أخرى...


دعونا نتعرف إلى قصة نجاح واقعية من قرب من أجل أخذ الدروس المستفادة منها والقرب مما تحتويه من فوائد وأساليب عمل ناجحة.

بدايات متعثرة..
يقول ين تونجايو رئيس مجلس إدارة شركة شيري للسيارات في الصين:
“لم يأخذ أحد صناعة شركة شيري للسيارات بجدية عندما تم تأسيسها”، منذ أكثر من عقد من الزمن في مدينة ويهو في منطقة أنهويي في الصين.
فشركة شيري كانت زائراً في منقطة صغيرة وتلك المنطقة التي حظيت بسمعة ضعيفة في مجال الصناعة التي تعد بعيدة من الأماكن التقليدية لإنتاج السيارات مثل بكين وشنغاهاي.
ويستمر في حديثه فيول: عندما فشلنا في البداية لإيجاد من يشتري محركات السيارة التي تم إنتاجها، فوجدنا أنْ لم يبقَ لنا غير خيار محدود وهو أن نقوم بإنتاج سيارة توضع فيها المحركات التي تم تصنيعها، لذا أصبح لنا في الشركة بيت يمكن للمحركات أن تذهب إليه. 
وبعد أن تم تصنيع أول سيارة، فقد منعت العوائق البيروقراطية من السماح لبيعها في السوق المحلي، ولذلك فقد استمرت الشركة بطرق الجدار خلال العقد الأخير، وفي كل مرة كنا نصطدم بالجدار نعود ونعاود العزم والتحرك إلى الأمام.


تكنولوجيا صينية بالكامل..
في عام 2007م، تقدمت شركة شيري إلى الأمام وقامت ببيع 391.000 سيارة ركاب، ومن ثم ولدت مبيعات بمليارين وثمان مائة وستين ألف دولار، واحتلت المركز الرابع في السوق المحلي لسيارات الركاب، مع الوضع في الاعتبار أن السيارات الثلاثة التي تحتل المراكز الأولى قبلها يوجد فيها شراكة مع شركاء أجانب، ولكن شيري تعد الشركة المتفردة من حيث إن إنتاجها يتم بواسطة شركة صينية منفردة.
وتعد شركة شيري من الشركات الصينية المعدودة - فيما بين الشركات الصينية التي تقوم بإنتاج السيارات- التي تقتني التكنولوجيا اللازمة للمكونات الأساسية والجوهرية لصناعة السيارات مثل المحركات، وناقل السرعات، وهيكل السيارة.


فتح الأسواق
أصبحت شركة شيري الشركة الأولى (أي أخذت زمام الريادة) خمس سنين متتالية لتصدير السيارات، فقد قامت ببيع 119.000 وحدة خارج الصين، وهو ما يعادل 30 % من مبيعاتها في هذا العام.
اليوم تعددت الموديلات في شركة شيري حيث توجد موديلات شيريز تيجو، وإيستار، وإيه 5 في سبعين دولة وأصبح لدى الشركة مراكز لتجميع السيارات في كل من مصر، وإندونيسيا، وإيران، وروسيا، وأوكرانيا، والأرجواي.
وخلال السنتين الماضيتين، قامت شركة شيري بتسريع نطاق عولمتها مع إحدى الشركات المالكة لقطع الغيار في أمريكا، والسعي الجاد للتعاون مع الشركات في أمريكا الشمالية وأوربة، ومن الجدير بالذكر أن هذه التحركات كافة تسعى إلى هدف واحد هو فتح أسواق عالمية جديدة.


البداية.. خط إنتاج مستعمل
عندما يسترجع رئيس مجلس إدارة شركة شيري تجربة بدايتها الصعبة، يقول في هذا الشأن: “نحن بدأنا من لا شيء وقد واجهنا كثيراً من سوء الحظ، ولكنني أعتقد أن هذا الوضع الصعب والمأزق الذي واجهناه في البداية هو الذي خلق نجاح اليوم.
فقبل عشر سنين من اليوم لم يكن لدى شركة شيري شيء يذكر، فهي لم تتمتع بالدعم الحكومي، ولم يكن لديها كثير من العاملين، ولم يكن لديها القدرة على الإنتاج من قبل”.
ولكن لماذا أصر رئيس مجلس الإدارة على الاستمرار في تلك الظروف؟
يقول رئيس مجلس  إدارة شركة شيري: “كان عندي يقين بأن القيادات الحكومية المحلية لديها الثقة في إدارة شركتنا وكنت أتوقع منهم المساندة، وقد مثل هذا بالنسبة إلينا القدر القليل من الحظ الذي وجدناه متمثلاً في أن الحكومة المحلية سمحت لنا بالسعي نحو طموحاتنا بالتصنيع وقد أسهمت بجزء من الاستثمار الأساسي الخاص بنا. 
وعلى الرغم من أن لم تكن لدينا خطة واضحة، فقد كانت لدينا فكرة بسيطة عن كيفية الانطلاق بالبداية، فقد اعتقدنا في أن من الممكن لنا شراء خط إنتاج قديم، والتنكولوجيا اللازمة لصناعة المحركات، ولكن مؤخراً، وجدنا أنه ليس من السهل شراء خط إنتاج مستعمل أو تكنولوجيا قديمة إلى حد ما. 
ففي البداية، أنفقنا عشرين مليون دولار في شراء خط إنتاج مستعمل من شركة أجنبية، ولكننا وجدناه غير صالح للعمل.
ولقد وثقنا في الأجانب وقمنا بتعيين شركة عالمية للتكنولوجيا والهندسة للمساعدة في التأسيس، ولكن قامت هذه الشركة بتكرار طلب مزيد من الأموال، وعلى الرغم من أن المشروع لم يكن قد أنجز نصفه، وهنا قلنا لا، ولكننا فوجئنا بأن تلك الشركة قد خرجت وتركتنا وحدنا.
ولقد أصبح الخيار الوحيد لاستمرارنا هو الاعتماد على أنفسنا، ولكن عندما نجحنا وقمنا بتصنيع المحرك فقد واجهنا تحدٍّ آخر تمثَّل في أنه لم نجد أحداً يريد شراءه، ولهذا وجدنا أنفسنا أمام خيارات محدودة جداً ولذلك فقد قررنا أن نعتمد على أنفسنا بالقيام بتصنيع السيارة حتى يمكن لتجربتنا أن تنجح”.
ويلاحظ هنا أن مواجهة التحدي بالاعتماد على النفس والنجاح نتيجة ذلك يخلق الثقة في النفس، ومن ثم فإن تلك الثقة بالنفس تدعو إلى زيادة القدرة على مواجهة التحديات الجديدة وهكذا تدور العجلة الذاتية لإدارة النجاح. 
نعود إلى متابعة حديث رئيس مجلس إدارة شركة شيري الذي يقول لقد قمنا بالتفاوض مع إحدى الشركات الأوربية على أمل شراء بعض المعدات والتكنولوجيا ولكنها رفضت بحجة أن هذا الأمر يعد مخالفاً لاستراتيجيتها، ولقد قمنا بذات المحاولة مع إحدى الشركات الأمريكية ولكنها رفضت لنفس السبب السابق.
ولكننا في شركة شيري لم نجد أمامنا مرة أخرى إلا خياراً وحيداً يتمثل في الاعتماد على أنفسنا في تطوير تكنولوجيتنا. وقد عملنا بجد كبير جداً وقمنا أيضاً بتعيين شركات صغيرة من أوربة وتايوان للعمل في مجال تصميم السيارة. وفي النهاية، ظهرت أول سيارة لنا إلى النور في عام 1999م، وقد أطلقنا عليها “فينج يون” أي غمامة الضباب.
ولكن فوجئنا بأن السيارة شيري لم يتم لها السماح بدخول السوق المحلي لكونها لم تكن موضوعة في “كتالوج” الدولة الخاص بالسيارات، ولهذا كان يجب علينا البحث عن طريقة لدخولها السوق، وقد استطعنا تحقيق ذلك من خلال الاتفاق مع مؤسسة شنغهاي لصناعة السيارات لتقديمنا للسوق المحلي وهي شركة تعمل على النطاق العالمي لذا صدرت شهادة ميلاد شركتنا”.


مكاسب على هامش التعاون..
وبالسؤال عن “لماذا انطلقت شركة شيري إلى العالمية بعد ولادتها بمدة قصيرة؟”
يقول رئيس مجلس إدارة شركة شيري: “لم تكن لدى الشركة في البداية خطة للانطلاق إلى العالمية كما هو الوضع الآن حيث إن الشركة يوجد لديها الآن استراتيجية متكاملة تعمل على أربعة محاور، وتتمثل فيما يلي: التعاون الفني مع المؤسسات العالمية، وتصدير السيارات، وإنشاء مراكز تجميع خارجية، والشراكة المتساوية”.
ويستمر رئيس مجلس إدارة شركة شيري في حديثه عن الدروس المستفادة من التعاون مع الشركات الأجنبية قائلاً:  “من الدروس المستفادة لنا أن التعاون الفني مع الشركاء الأوربيين قد مكن مهندسينا وفريق تصنيع محركاتنا، وموردينا من تحسين قدراتهم، فعلى سبيل المثال.. فقد تعاونا مع الإيطاليين لتصميم سيارتنا، ولتقليل تكلفة التصميم، فقد اكتفينا بالحصول على جزء من التصميم خارجياً، وحاولنا القيام ببقية التصميم بأنفسنا  فطورنا مهارات وقدرات العاملين لدينا كافة، فهذا ما مكن الشركة من الاستمرار في انطلاقتها“.

___________________________________________________________


Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...